دراسات جديدة تظهر أن اللاجئين والمهاجرين يفيدون الاقتصادات المحلية
يمكن للنازحين قسراً في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي أن يساهموا بشكل كبير في الاقتصادات التي يعيشون فيها إذا أتيحت لهم الفرصة، وذلك وفقاً لدراستين جديدتين أصدرهما البنك الدولي، وبنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويسد اللاجئون والمهاجرون ثغرات مهمة في أسواق العمل المحلية ويسهمون في تعزيز الطلب على السلع والخدمات، مما قد يزيد من عائدات الضرائب ويرفع من مستوى الناتج المحلي الإجمالي للبلدان المستقبلة. ومع ذلك، فإنه غالباً ما يجدون أنفسهم في أوضاع تتسم بالضعف.
وعلى الرغم من أن غالبية هؤلاء السكان هم في سن العمل، ولديهم مستوى عالٍ من التعليم وهم في سوق العمل، فإن مؤهلاتهم في كثير من الأحيان تفوق وظائفهم بكثير ويعملون في وظائف غير رسمية، مما يحد من أجورهم، ويؤدي إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي لديهم.
الدراستان بعنوان “الفنزويليون في تشيلي وكولومبيا والإكوادور والبيرو – فرصة تنموية” (البنك الدولي ومفوضية اللاجئين) و”الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للسكان النازحين قسراً في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي” (بنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومفوضية اللاجئين)، هما جزء من التعاون بين الوكالات للاستجابة لاحتياجات النازحين قسراً. وتسلط الدراستان الضوء على حقيقة كيف يمكن للسياسات المستهدفة أن تسهل فرص الوصول إلى أسواق العمل الرسمية والخدمات الأساسية، مثل التعليم والرعاية الصحية، وذلك لتمكين اللاجئين والمهاجرين من المساهمة بشكل أفضل في البلدان المضيفة لهم.
تقول كارولينا ميخيا مانتيا، مؤلفة الدراسة التي أجراها البنك الدولي والمفوضية: “يمكن أن تفيد التحركات السكانية المجتمعات والبلدان المضيفة إذا تم تنفيذ السياسات الصحيحة. وتضيف: “إن السياسات المستهدفة التي تعزز اندماجهم الاقتصادي في أسواق العمل، وتمنحهم إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وتعزز اندماجهم الاجتماعي، ضرورية لتحقيق هذه الفوائد”.
وتشير تقديرات الدراسات إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي بين أكبر البلدان المستقبلة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي سيبلغ في المتوسط 0.10 إلى 0.25 نقطة مئوية سنوياً بين عامي 2017 و 2030. وبحسب الدراسة التي أجراها البنك الدولي والمفوضية، فإنه “يبدو أن الهجرة الجماعية للفنزويليين كان لها تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي في المنطقة، وذلك بفضل العرض الإضافي للعمالة وتعزيز الطلب”.
ارتفع تدفق المهجرين عبر الأمريكتين مع استمرار العنف وانعدام الأمن ومسألة انعدام المساواة وانتهاكات حقوق الإنسان. وحتى منتصف عام 2023، فقد كان هناك 22.1 مليون شخص بين لاجئ ونازح في الأمريكتين، وذلك وفقاً للمفوضية. وشكلت أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي ما يقرب من ثلث مجمل طلبات اللجوء الفردية الجديدة على مستوى العالم.
وتكشف الدراسة التي أجراها بنك التنمية للبلدان الأمريكية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومفوضية اللاجئين، والتي شملت السكان النازحين قسراً في تشيلي وكولومبيا وكوستاريكا والإكوادور والمكسيك والبيرو، أن النازحين قسراً من فئة الشباب يواجهون صعوبة أكبر من نظرائهم المولودين في البلاد من حيث الحفاظ على التعليم والعثور على فرص عمل. ويلتحق الأطفال اللاجئون بالمدارس بمعدلات أقل ويضطرون لمغادرة المدارس بشكل متكرر أكثر من المواطنين، الأمر الذي يكون له تداعيات على اندماجهم على مدى الأجيال. بالإضافة إلى ذلك، فإن معدلات التوظيف لدى النساء أقل من الرجال، سواء من السكان الأصليين أو اللاجئين.
وكجزء من هذا التعاون بين الوكالات، تعد الدراسات التي تم إجراؤها مثالاً جيداً على كيفية حصول المؤسسات المالية الدولية والجهات الفاعلة في مجال التنمية على التأثير والخبرة الفنية والموارد المالية اللازمة لتعزيز الخدمات العامة وآفاق التوظيف في البلدان التي تستضيف السكان النازحين قسراً. وتمثل مثل هذه التقارير خطوة هامة نحو تعزيز الحلول وضمان الإدماج الاجتماعي والاقتصادي الكامل لهؤلاء السكان في البلدان المضيفة.
وتسلط هذه الدراسات أيضاً الضوء على مسألة كيف يمكن لكراهية الأجانب والتمييز أن تؤثر سلباً على الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للاجئين والمهاجرين، وأن تقلل من قدرتهم على المشاركة في المجتمعات المضيفة.
وجدت الدراسة التي أجراها البنك الدولي والمفوضية أن غالبية الفنزويليين يرغبون في البقاء في البلد المضيف لهم. ومع ذلك، كانت مشاركتهم في المجتمع تقتصر في المقام الأول على الأنشطة الدينية – على الرغم من الروابط اللغوية والثقافية المشتركة. وفي البلدان المضيفة الأربعة، أبلغ ما بين 26 إلى 40 بالمائة من الفنزويليين عن حالات من التمييز، وخاصة بين النساء والشباب.
وقد انعكس هذا أيضاً في الدراسة التي أجراها بنك التنمية للبلدان الأمريكية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ومفوضية اللاجئين، والتي وجدت أنه في تشيلي وكولومبيا والبيرو، أفاد ما يقرب من 30% من اللاجئين عن تعرضهم للتمييز نسبة لأصلهم. وأوصت دراسة البنك الدولي والمفوضية بأن تعمل سياسة الحكومة على تعزيز التماسك الاجتماعي، ومنع التهميش، وتقليل الآثار السلبية على السكان المحليين.
على الرغم من أن هذه الدراسات هي المصدر الأكثر شمولاً المتاح لمقارنة اللاجئين والمهاجرين بالسكان المحليين، إلا أن إدراج اللاجئين والمهاجرين بشكل أكثر منهجية في عمليات جمع البيانات الرسمية أمر ضروري لإرشاد السياسات العامة وتحسينها بشكل فعال.
(UNHCR)